الشريط الوثائقي ”سنوات العتمة ” في مهرجان الفيلم الوطني بطنجة

أصوات نيوز //
من أهداف ودواعي إقرار الدعم الموجه للأفلام الوثائقية حول الثقافة والتاريخ والمجال الصحراوي الحساني منذ سنة 2015 هو مواجهة الحملات الإعلامية المغرضة ضد وحدتنا الترابية، وتقديم الحقائق للرأي العام العالمي والمحلي ولكل المهتمين بملف الصحراء المغربية، وإعطاء فرصة للمبدعين السينمائيين المغاربة للمساهمة في الديبلوماسية الموازية، لكي لا تبقى الساحة السينمائية فارغة وحكرا على أعمال ينتجها الأجانب وتعطي صورة غير حقيقية للأوضاع في أقاليمنا الجنوبية وفي مخيمات تندوف أيضا.  فلا يخفى على أحد قيمة السينما في توجيه الرأي العام، ولا يخفى على أحد أن خصوم الوحدة الترابية لا يتقاعسون في التهليل وتمجيد بعض الإنتاجات من أشرطة وثائقية وتحقيقات صحافية التي تزور الوقائع وتقدم أكاذيب وتروج لمعطيات مغلوطة بهدف استمالة كل من لا يعرف حقيقة الواقع المعاش في الصحراء المغربية.    وإن كان المغرب يبلي البلاء الحسن ديبلوماسيا ويحقق النجاحات تلو النجاحات تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، بتزايد اعترافات العديد من الدول بمغربية الصحراء وفتح العديد من القنصليات في مدينتي العيون والداخلة، فإن المبدعين السينمائيين المغاربة مطالبون بمصاحبة هذه الإنجازات بإنتاج أعمال بقيمة فنية وتقنية عالية شكلا وبمضمون مبني على حقائق ووثائق تاريخية وشهادات تفند مزاعم الأعداء وتفضح أكاذيبهم، أعمال تصور بروح وطنية خالصة وبهدف وحيد هو خلق واجهة من واجهات الدفاع عن مقدسات البلاد ووحدتها الترابية.  يتطرق الشريط الوثائقي” سنوات العتمة” إلى حكايات حقيقية لمواطنين صحراويين، منهم من آمن بالطرح الانفصالي ومنهم من اختطف رغما عنه ومنهم من ازداد في مخيمات لحمادة. وهناك في تندوف اكتشفوا الخدعة الكبرى لعصابة البوليساريو، فكان مصيرهم سنوات طويلة في سجون رهيبة، بين أيدي جلادين ساديين. لكنهم قاوموا القهر والتنكيل والموت، وتحدوا الظلام في انتظار أمل مشرق، لتأتي العودة إلى أرض الوطن والهروب لمن استطاع إليه سبيلا.  شهادات حقيقية بالصوت والصورة عبرت عن مآسي إنسانية دامت لعقود، فكل من فطن لخدعة المرتزقة ومن يمولهم، وجاهر بالحقيقة كان مصيره التنكيل والتعذيب الممنهج لطمس كل الأفكار التي تعارض العصابة، وتجعل باقي المحتجزين رهينة بين أيديهم لاستغلالهم سياسيا واقتصاديا من خلال جمع المساعدات الدولية وبيعها في الأسواق الإفريقية. رمضان مسعود (رئيس الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان- ضابط سابق بالبوليساريو)، سلامو بلال (مزداد في تندوف وضابط سابق في درك البوليساريو) محمد لكرف (معتقل سابق) ابراهيم الشرقاوي (معتقل سابق) المحفوظ الكتيف (معتقل سابق)، كل هؤلاء السادة قدموا شهاداتهم للتاريخ عن الأوضاع في مخيمات تندوف منذ عقود إلى الآن، وصفوا معاناة المحتجزين والقتلى من كل الأعمار و الجنسيات, مع ذكر أسماء بعضهم لتبقى محفورة في الذاكرة( الراحل سيد أحمد العروسي نموذجا)، وفضحوا أساليب عصابة البوليساريو في كل المجالات وذكروا أسماء الجلادين الصحراويين والجزائريين الذين تفننوا بسادية لا مثيل لها في التعذيب والتمثيل بالجثث( إبراهيم غالي نموذجا)     شهادات هؤلاء الرجال استنبط منها مشاهد تعذيب مروعة صورت على خشبة المسرح وأمامهم، وهي لحظات كانت صعبة وحساسة خلال التصوير، فكل محتجز أو شاهد على ما وقع هناك، يجد نفسه أمام إعادة لحظة من لحظات التعذيب المريرة التي عاشها، وتتبعت الكاميرا ملامحهم وردود أفعالهم المباشرة، ووثقت دموعهم وآهاتهم. الشريط يعتبر وثيقة مصورة عما جرى ويجري في مخيمات الذل والعار، ويلخص في حوالي الساعة سنوات من القهر والظلم والوحشية التي مارسها جلادو البوليساريو في حق مواطنين أبرياء شاءت الصدف أن يتواجدوا هناك.  الشريط يعتبر أيضا وثيقة يمكن تقديمها في كل المحافل الدولية لإظهار الوجه الحقيقي للمرتزقة وإزالة القناع الوسخ على من يمولهم ويتلاعب بمصير الصحراويين المحتجزين في الجزائر منذ عقود ويسترزقون بمآلهم وبمستقبلهم.  شريط ” سنوات العتمة” أنتج سنة 2020 بدعم من المركز السينمائي المغربي، ويدخل في خانة الأعمال السينمائية التي تسير في منحى الديبلوماسية السينمائية، فمنذ اختيار الفكرة وكتابة السيناريو وإعادته مرات ومرات, ووضع تصور شامل لإنتاج للشريط بتوفير الشركة المنتجة لكل الظروف الإنتاجية ماديا ومعنويا لتقديمه في أبهى حلة، إلى تحديد الرؤية الإخراجية واختيار كل مقوماتها من حبكة وتقطيع فني واختيار ممثلين أكفاء وديكورات مناسبة وموسيقى أعدت خصيصا للشريط وغيرها من الأسس الجمالية لصناعة شريط وثائقي في مستوى التطلعات. وبحكم جائحة كوفيد 19 وتأجيل عرضه بسببها، سيتم عرض الشريط لأول مرة خلال المهرجان الوطني للفيلم بطنجة في مسابقة الأفلام الوثائقية يوم الثلاثاء 20 شتنبر 2022 على الساعة الثالثة زوالا بقاعة ميكاراما كويا وستليه مناقشة مع صانعيه. نتمنى أن يحظى الشريط بالاهتمام المناسب نظرا لموضوعه الوطني، ولقوة مضمونه، وأن يصاحبه نقاش جاد من طرف كل المتتبعين، وأن تتاح له فرص أخرى لعرضه داخل الوطن وخارجه، وهي فرصة أيضا لدعوة المبدعين السينمائيين المغاربة للاهتمام بمثل هذه المواضيع لأهميتها في الدفاع عن مقدسات البلاد ووحدة ترابها.