أصوات نيوز/
تفجّر نقاش ساخن داخل مجلس النواب خلال الجلسة التشريعية التي ترأسها النائب الأول لرئيس مجلس النواب محمد صباري، والتي خصصت لمناقشة مشروع القانون الخاص بتعويضات حوادث السير، بعدما وجه نواب من المعارضة اتهامات مباشرة لوزير العدل عبد اللطيف وهبي بـ”التشريع على المقاس” و”خدمة مصالح شركات التأمين”، معتبرين أن الصيغة الجديدة لا تحقق الإنصاف للضحايا وتصب في مصلحة “لوبيات نافذة” داخل القطاع، ومنها أعضاء داخل غرفتي البرلمان.
وخلال الجلسة انتقد عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، ما وصفه بمحاولات الضغط على المؤسسة التشريعية من طرف “لوبيات قوية” تعمل داخل البرلمان، مشيرا إلى أن مجموعته النيابية مارست صلاحياتها دون خوف من الداخلية أو من أي جهة أخرى”، مؤكدا أن التصويت الذي تم في جلسة أمس “كان وفق القناعات وليس تحت أي تأثير للوبيات”.
وانتقد بووانو مشروع القانون الذي “يعيد إنتاج مقتضيات تعود إلى سنة 1984 دون أي إصلاح جوهري”، معتبراً أن بقاء النظام القديم لعقود “خلق اختلالات خطيرة وكبيرة يستفيد منها اللوبي المحتكر للتأمين”، ودعا بووانو الوزير إلى العودة للمخطط التشريعي الذي أعقب دستور 2011، حيث كانت رزمة من القوانين الهيكلية معروضة، متسائلا في المقابل عن سبب عدم إدراج هذا النص آنذاك.
واتهم بووانوا بعض شركات التأمين بـ”امتصاص دماء المغاربة”، عبر ممارسات استغلالية، مشيراً إلى أرباحها الكبيرة، والتي دفعت الدولة دائما إلى فرض نسبة 45% كضريبة على الشركات نظرا لاحتكار القطاع، كما انتقد ما سماه ب“العلاقات المشبوهة” بين بعض المحامين وبعض الشركات، مشددا على أن البرلمان “ليس مجالا لخدمة مصالح خاصة بل للتشريع للصالح العام”.
ومن جهته، صعّد النائب سعيد بعزيز عن الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية، متهما الحكومة بشكل مباشر بـ”التشريع لأصحابها” وبالرضوخ لضغوط نافذين في القطاع، قائلا: ”تمخض الجبل فولد فأرا والحكومة لم تعد تهتم بالمواطنين بقدر ما أصبحت تشرع لأصحابها ومن تربطهم بها علاقات”، مشيرا إلى أن من كان يتهم بعض الجهات بـ”الفراقشية” في التجمعات الخطابية “أصبح اليوم يشرع لهم من داخل المؤسسة التشريعية”.
وفي ما يتعلق بمضامين المشروع المثير لجدل التشريع على مقاس شركات التأمين، انتقد بعزيز الزيادة المقترحة في التعويضات بنسبة 54% معتبراً أنها “هزيلة”، إذ لن يتجاوز تعويض وفاة قاصر 20 ألف درهم بدل 13 ألفاً حالياً، متسائلاً: “ماذا ستفعل أسرة فقدت طفلا بهذا المبلغ؟”.
كما اتهم بعزيز الحكومة بالتراجع عن التزام سابق برفع الحد الأدنى للتعويض إلى 50 ألف درهم، وبحصر تطبيق القانون على الحوادث المستقبلية، ما يعني –حسب قوله– إقصاء ملفات جارية، وقال إن شركات التأمين “ضغطت لتأخير إدراج المشروع بالجلسة العامة لمدة 30 يوماً” حتى تستفيد سنة إضافية من النظام القديم.
وخلص رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان بمجلس النواب قائلا: “أنتم تنتصرون للفساد، تنتصرون للتشريع على المقاس، وتدافعون عن أصحابكم لا عن المواطنات والمواطنين”، مضيفا أن فريقه ينتظر من مجلس المستشارين “تصحيح مسار هذا المشروع ومنع تمرير قانون يمنح شيكا على بياض لمقاولات التأمين”.
وفي معرض رده على انتقادات نواب المعارضة بشأن مشروع القانون المتعلق بتعويضات حوادث السير، اعتبر وزير العدل عبد اللطيف وهبي أن المعارضة تقع في “تناقضات واضحة”، مشيراً إلى أن بعض الفرق امتنعت في الماضي عن التصويت على قوانين تجرّم الفساد، كما دفعت نحو تأجيل تطبيق عدد من النصوص الواردة في مشروع القانون الجنائي إلى ما بعد الاستحقاقات الانتخابية.
كما أشار وهبي، على أنه عقد خلال الأشهر الماضية ما لا يقل عن عشر اجتماعات مع شركات التأمين بحضور وزيرة الاقتصاد والمالية، لمناقشة الإشكالات المرتبطة بتحيين نظام التعويضات، مشيراً إلى أن شركات التأمين “لم تعترض على الزيادة في التعويضات حتى بنسبة 500%”، لكنها اشترطت رفع أقساط التأمين، وهو ما رفضته الحكومة حفاظاً على القدرة الشرائية للمواطنين.
وأكد وزير العدل أن الهدف الرئيسي للحكومة خلال المفاوضات كان البحث عن صيغة تضمن الرفع من تعويضات الضحايا دون الزيادة في أقساط التأمين، حفاظا على القدرة الشرائية للمواطنين، مشيداً بدور وزيرة المالية التي لعبت “دور الوسيط المحوري” في مفاوضات امتدت ستة أشهر قبل التوصل إلى الصيغة النهائية المعروضة على البرلمان.










