أصوات نيوز/
أكد محمد مهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، خلال مناقشة مواد مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة بلجنة التعليم والشؤون الاجتماعية بمجلس المستشارين، اليوم الاثنين فاتح دجنبر الجاري، أن الحكومة اعتبرت منذ البداية أنه من ضرورة تقوية المجلس الوطني للصحافة، مع السير وفق المنهجية التي انطلق بها النقاش داخل اللجنة المؤقتة المكلفة بتسيير شؤونه، داعياً إلى تجاوز “الشخصنة”، ومؤكداً أن المؤسسة هي التي تبقى وليس الأشخاص.
وأوضح بنسعيد أن اللجنة اشتغلت على فتح حوار واسع وقدمت مقترحات تتعلق بطريقة التمثيلية، مشيراً إلى أن النقابة المغربية للصحافة، التي يشارك فيها رئيسان سابقان في اللجنة المؤقتة، ساهمت في صياغة المقترحات المرتقبة للتمثيل المهني.
وأشار المسؤول الحكومي إلى أن عدداً من المواد ذات الصلة بالمجال الدستوري وحقوق الإنسان وآليات الطعن جرى طرحها للنقاش مع الجهات المختصة داخل البرلمان، مع احترام تام للدستور واستقلالية الهيئات المعنية.
وأضاف بنسعيد قائلا: “ إن الهدف ليس نقاش الأشخاص، ولا الدخول في جدل من قبيل: لماذا مثل فلان ولم يُمثل آخر؟ بل تقوية المؤسسة وضمان حضور جميع الأطراف، لأن قوة المؤسسة تكمن في شمولية تمثيليتها”.
ورداً على من ربط إصلاح المجلس بالدعم الموجه للمقاولات الإعلامية، أكد الوزير أن طريقة تدبير الدعم “لا دخل فيه للوزارة أو الحكومة أو أي وزير”، موضحاً: “الجميع يستفيد من الدعم، لي كيشكرو ولي مكيشكروش، ولي كيسب… نحن نعتبر بأن هذا حق ونديره باحترام تام للقانون”.
وفي حديثه عن سياق اشتغال المجلس، أوضح أن الحكومة السابقة والوزراء السابقين كان من مسؤوليتهم تنزيل هذا المجلس، قبل أن يتدارك قائلا: “على الأقل البعض منهم بين 2003 و2016 كان من مسؤوليتهم فتح النقاش للاستماع لجميع الآراء”، مسجلا أنه مع دستور 2011 منحت الحكومة العديد من الاختصاصات للمجلس، سواء في القانون الحالي أو مشروع القانون المطروح حالياً، مؤكداً أن النصوص تحدد بوضوح أن المجلس هو الجهة المسؤولة عن النقاش وفتح الحوار ورفع التقارير للوزارة.
ورفض بنسعيد الدعوات لتدخل مباشر من الوزير في عمل المجلس، معتبراً الأمر “عودة إلى الوراء”، ومشدداً على أن التجارب الدولية مختلفة ومتنوعة، ولا يوجد نموذج واحد يجب نسخه، مستدلا بتجربة الدنمارك التي تضم مجلساً مكوناً من 28 عضواً من الصحافيين والناشرين يتم اختيارهم من طرف الوزارة، مقابل تجارب أخرى تعتمد الانتخاب أو التوافق بين الصحافيين، مضيفا: “لكل دولة نموذجها، كما هو الحال في النظم الانتخابية والبرلمانية”.
كما نفى أن يكون المشروع موجهاً لصالح تيار إعلامي معين، مؤكداً أن الحكومة لا تتعامل بمنطق الانحياز، مضيفاً: “حتى داخل التيار الذي يُقال إننا ندافع عنه، هناك من يكتب ضد الحكومة والوزراء”.
وفي تقييمه للوضع الذي عاشه المجلس خلال الأسابيع الماضية، شدد بنسعيد على ضرورة تجاوز الأخطاء السابقة وعدم تكرارها، موضحاً أن المشروع الحالي يعزز آليات الطعن الداخلي قبل اللجوء للقضاء، ضماناً لحماية جميع الأطراف، بغض النظر عن أفكارهم أو مواقفهم.
وبعد تأكيده أن المجلس مؤسسة “حية” لها إيجابيات وسلبيات، شدد بنسعيد على ضرورة الابتعاد عن الشخصنة، والالتزام بالمقاربة المؤسساتية، مع استحضار التاريخ المهني للصحافة المغربية منذ السبعينيات والثمانينيات، والدور الذي لعبته في الحياة السياسية، موضحا أن إصلاح القانون جاء لمعالجة ثغرات ظهرت بين 2018 و2025، وأن الحكومة تسعى إلى سدها بتنسيق مع البرلمان، في احترام للدستور ولمبدأ استقلالية المجلس.
وأكد الوزير أن المقترحات المتضمنة في المشروع ليست قراراً أحادياً للحكومة، بل جاءت بعد نقاش دام أزيد من سنتين مع مختلف المتدخلين، مضيفاً أن الاختلافات بين الهيئات المهنية أمر طبيعي، وتعكس “حيوية الديمقراطية المغربية”، مشيراً إلى أن بعض الهيئات قدّمت مواقف متناقضة في مراحل مختلفة.
وشدد بنسعيد على أن المؤسسات هي التي تبقى وليس الأفراد، وأن الأفكار والفاعلين يتغيرون لكن قوة المؤسسة هي الضامن الحقيقي لاستقرار الدولة، داعياً المهنيين إلى العمل المشترك لانجاح المجلس الوطني للصحافة بعيداً عن التجاذبات والصراعات السياسية، مع احترام مختلف الآراء داخل المشهد الإعلامي.










