أصوات نيوز/
صادقت لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، على مشروع القانون رقم 59.21 المتعلق بالتعليم المدرسي، والذي يقر تغييرات جوهرية في المنظومة التربوية، أبرزها فرض غرامات مالية على أولياء الأمور المتخلفين عن تسجيل أبنائهم، وتشديد العقوبات على مؤسسات التعليم الخاص المخالفة للضوابط.
وشهدت جلسة المصادقة، تداول أعضاء اللجنة ما يقارب 228 تعديلاً قبل اعتماد النص النهائي، الذي حظي بتأييد 11 نائباً مقابل اعتراض 3 نواب.
ودافع وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، عن الفلسفة العامة للمشروع، رافضاً عدداً من مقترحات المعارضة لكونها قد تحمل النص التزامات مالية غير قابلة للتطبيق، في حين قبلت الحكومة تعديلات محدودة ذات طابع تقني، لتظل الاختيارات الكبرى للمشروع ثابتة، خاصة فيما يتعلق بدور الدولة وموقع القطاع الخاص وتمويل المنظومة.
ونص المشروع في مادته 62، التي شكلت أبرز نقاط الخلاف، على إلزامية تسجيل الأسر لأبنائهم عند بلوغ سن التمدرس، مع إقرار غرامة مالية تتراوح بين 2000 و5000 درهم في حق أولياء الامورالمخالفين، مع مضاعفتها في حالة التكرار، حيث بررت الحكومة هذا الإجراء بكونه يندرج ضمن جهود مكافحة الهدر المدرسي، فيما اعتبرت أصوات معارضة أن هذا القرار يثقل كاهل الأسر الفقيرة دون ضمان آليات مواكبة، علما أن إلزامية التعليم تشمل الأطفال من سن الرابعة إلى تمام السادسة عشرة، بمن فيهم ذوي الإعاقة.
وأوضحت نصوص القانون الجديد أنه يتوجب على كل مسؤول عن رعاية طفل التصريح به لدى أقرب مؤسسة تعليمية خلال ستة أشهر من بلوغه السنة الثانية من عمره، مع تجديد التصريح سنويا إلى غاية التسجيل الفعلي، كما يتم منح الطفل معرفا رقميا يرافقه طيلة مساره الدراسي، وفي حال تقاعس الأسرة، تقوم الأكاديميات الجهوية بتسجيل الطفل تلقائيا لضمان حقه في التمدرس، مع إتاحة منصة رقمية لتسهيل هذه الإجراءات.
ورفضت الحكومة مقترحاً يقضي بإلزام الجماعات الترابية بتخصيص 25% من ميزانيتها الاستثمارية للبنية التحتية المدرسية، معتبرة أنه يمسّ باستقلالية الجماعات. وأكد الوزير أن الشراكة مع القطاع الخاص أساسية لتمويل المنظومة، رافضاً التنصيص على تحمل الدولة وحدها للكلفة المالية كاملة، مع التشديد على التزام الدولة والجماعات بتوفير مقعد بيداغوجي لكل طفل.
وأثارت مواد التعليم الخصوصي النقاش الأكثر حدة، حيث تمسكت الحكومة برفض تحديد سقف لأرباح المدارس الخاصة أو إخضاع رسومها للموافقة المسبقة بدعوى احترام المنافسة الحرة، وهو الموقف الذي اعتبرته المعارضة تساهلا مع القطاع على حساب الضمانات الاجتماعية للأسر، بينما قبلت الحكومة تعديلات تفرض على هذه المؤسسات اعتماد تدابير لمحاربة الهدر المدرسي، لكنها رفضت مقترحات أخرى تتعلق بدعم الفئات الهشة وإحداث هيئة وطنية لتقييم الأطر التربوية.
وأقرت الصيغة النهائية المصادق عليها عقوبات زجرية ثقيلة تتراوح بين 80 ألف و120 ألف درهم على كل مؤسسة خاصة تفتح بدون ترخيص، أو توسع مقرها أو تغيّر مناهجها دون إذن، كما تسري نفس العقوبة على المؤسسات التي تحرم التلاميذ من الدراسة أو الامتحانات، أو ترفض منحهم شواهد المغادرة، أو تغلق أبوابها قبل نهاية الموسم الدراسي دون مبرر.
وحددت المقتضيات القانونية آلية صارمة للمراقبة، حيث عهدت بمعاينة المخالفات لموظفين منتدبين من الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، تم تخويلهم صلاحية تحرير محاضر لها نفس قوة الإثبات لمحاضر الشرطة القضائية، وذلك لضبط التجاوزات سواء المتعلقة بالتسجيل، أو الطاقة الاستيعابية، أو المناهج المعتمدة، بما يضمن سيادة القانون داخل المنظومة التربوية بشقيها العام والخاص.










