غير بعيد عن السجن المركزي بالقنيطرة، وفي فضاء مفتوح على سماء تودع ظلمة الليل وتستقبل خيط الفجر الخجول أفرغت فرقة الإعدام رصاصها في صدر عدد من المحسوبين على المعارضة السياسية المسلحة صباح 1 نونبر من سنة 1973 عندما كان المغاربة يستيقظون لإستقبال عيد الأضحى.
أُعطي الأمر بإطلاق الرصاص على الساعة السادسة صباحا و 38 دقيقة أمام أعين رئيس المحكمة ووكيل الملك وعبد الرحمان بنعمرو الذي ترافع عن المحكومين.
كان الإعدام تنفيذا لحكم صادر في ما يعرف بمحاكمة القنيطرة، من طرف المحكمة الدائمة للقوات المسلحة الملكية، ضد المتابعين في قضية "مولاي بوعزة" أو ما يعرف بملف "عمر دهكون ومن معه".
عمر دهكون كان شابا سوسيا حالما، قدم صحبة أسرته منذ الصبى الى الدار البيضاء من منطقة "تالوين"، إنتمى لصفوف المقاومة وجيش التحرير وآمن، بعد تأسيس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، بالسلاح كوسيلة لتغيير النظام السياسي في سنوات كانت البلاد تعرف فيها "دسترة لحالة الاستثناء" ويمسك فيها الملك الحسن الثاني بمفاتيح الحكم بالحديد والنار.
صرح دهكون أمام المحكمة أنه ينشط داخل منظمة سرية منذ 1967 وإلى حدود يوم 22 مارس 1973، تاريخ إلقاء القبض عليه، وأن نيته هي تغيير النظام عبر استقطاب عدد من النشطاء واقناعهم بـ"العنف الثوري" داخل خلايا سرية وبمساعدة حلفاء أجانب شد الرحال الى بلدانهم قصد التدرب على استعمال السلاح وعلى حرب العصابات.
عمر دهكون، وحسب المحاضر المنجزة من طرف النيابة العامة، كون خلايا بكل من البيضاء والرباط، وعمل على تسريب كمية ضخمة من الأسلحة وضعها رهن إشارة رفاقه كما قام في مارس 1973، بتعاون مع خلاياه، بصنع قنابل متفجرة وضعها في مؤسسات وداخل بنايات بعثات دبلوماسية بالإضافة الى مقر جريدة "لوماتان"، التي كتب مولاي أحمد العلوي فيها افتتاحية يتهم فيها باريس باحتضان الدعاية المعادية للمغرب واتهام سياسيين فرنسيين بدعم بعض المغاربة من أجل الإساءة إلى النظام الملكي وشخص الملك.
نفذ الوعيد فجر ذلك العيد في كل من عمر دهكون، يونس مصطفى، أيت زايد لحسن، حديدو موح، أمحزون موحى ولحاج، بيهي عبد الله الملقب بفريكس، دحمان سعيد نايت غريس، عبد الله بن محمد أيت لحسن، بارو مبارك، بوشعكوك محمد، حسن الادريسي، موحا نايت بري، تفجيست لحسن، أجداني مصطفى، محمد بلحسين الملقب بـ"هوشي منه".