تسير جهة كلميم واد نون بخطى ثابتة نحو تثبيت ركائز التنمية بالاعتماد على رؤية تنموية شاملة ومتعددة الأبعاد تعترف بأن الرفع من مكانة الجهة ومستوى عيش سكانها يحتاج إلى تحقيق الالتقائية بين مختلف القطاعات استنادا إلى المحددات التي وضعها النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية من أجل تحقيق ازدهار هذه الأقاليم.
ففي الذكرى الثانية والأربعين للمسيرة الخضراء المظفرة، تجد كلميم نفسها وهي قد قطعت أشواطا مهمة في درب تثمين مؤهلاتها الاقتصادية والسياحية وتعزيز بناها التحتية وتقوية الفعالية والنجاعة في تسطير وتنفيذ المشاريع الخاصة بالجهة.
ومؤخرا فقط صادق مجلس جهة كلميم واد نون، خلال أشغال دورته العادية لشهر أكتوبر، على الاتفاقية الخاصة بالطريق السريع تزنيت العيون التي تعد واحدة من بين أهم المشاريع الورادة في العقد البرنامج الخاص بتنمية جهة كلميم واد نون المنبثق عن النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية للمملكة.
وتروم اتفاقية الشراكة لإنجاز الطريق السريع تزنيت العيون تقوية وتوسيع الطريق الوطنية الرابطة بين مدينتي العيون والداخلة بتسعة أمتار وذلك بكلفة مالية إجمالية تقدر ب 8500 مليون درهم.
وتتوخى هذه الاتفاقية الموقعة بمدينة العيون في نونبر 2015 بمناسبة إعطاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس الانطلاقة للنموذج الجديد للتنمية بالأقاليم الجنوبية للمملكة، توفير خدمات عالية الجودة عبر تقليص الوقت الذي يستغرقه المسافرون من والى المناطق الجنوبية وتحسين مؤشرات السلامة الطرقية وتيسير نقل البضائع عن طريق تحسين الوصول الى مراكز الانتاج والتوزيع.
وبمثل هذه الاتفاقيات الاستراتيجية، التي قطعت أشواطا مهمة وصارت مدعاة للاعتزاز في كل ذكرى للمسيرة الخضراء، يكون النموذج التنميوي رافعة لدعم المؤهلات الطبيعية والبشرية التي تزخر بها جهة كلميم كموقع استراتيجي متميز ومنطقة محورية تربط شمال المملكة بجنوبها ، مما سيشكل نقطة استقطاب مهمة لجلب استثمارات عمومية وتوفير بنيات تحتية ستشكل دعامة أساسية للاستثمار.
كما يوفر هذا النموذج التنموي، المتسم بطابعه المندمج، آليات ودعامات أساسية لدعم تنافسية وقدرات الجهة على استقطاب استثمارات جديدة. فقد تم في إطار تفعيل هذا النموذج التنموي الجديد إطلاق، يوم 8 فبراير 2016 بالداخلة ، برنامج تنمية جهة كلميم وادنون والتوقيع على العقد البرنامج المتعلق به ما بين الدولة وجهة كلميم واد نون وذلك أمام صاحب الجلالة الملك محمد السادس .
ويتمحور برنامج تنمية الجهة، الذي رصد له مبلغ استثماري بقيمة تفوق خمسة ملايير درهم ممنوحة من طرف الدولة، حول مجموعة من الأهداف تتلخص في النهوض بالفلاحة التضامنية وقطاعات التربية ، والصحة، والسياحة الطبيعية، ودعم المقاولات وفرص الشغل ، والتنمية البشرية ، والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والثقافة والمحافظة على البيئة ، ثم البنيات الأساسية كمحور مشترك بين الجهات الجنوبية الثلاثة (كلميم واد نون والعيون الساقية الحمراء والداخلة واد الذهب).
ففيما يتعلق بإنعاش الشغل ودعم المقاولات، يروم هذا البرنامج الطموح تعزيز البرامج الوطنية لإدماج وتحسين التشغيل ودعم التشغيل الذاتي ودعم التشغيل التأهيلي في الجمعيات ووحدات الاقتصاد الاجتماعي لفائدة حوالي 3715 مستفيد، وإطلاق برنامج دعم المصدرين المعتمدين ، وإطلاق برنامج المصدرون الرواد لفائدة 20 مقاولة.
وفي مجال تقوية البنيات التحتية بالجهة، ومن أجل ضمان ربط أفضل مع باقي جهات المملكة ، وتعزيز ولوج الساكنة المحلية للخدمات العمومية ، يجري العمل منذ إطلاق هذا البرنامج التنموي على تعزيز البنيات التحتية والتجهيزات المرتبطة بالبنيات التحتية الطرقية، عبر بناء سد كبير وإنجاز منشآت لحماية مدينتي كلميم وطانطان من الفيضانات وبناء سدود صغيرة بالجهة.
كما يروم هذا المشروع التنموي تأهيل البنيات التحتية المرتبطة بالتزويد بالماء الصالح للشرب والتطهير ، باستثمار يبلغ 1178 مليون درهم عبر تقوية الانتاج وتحسين مردودية شبكات التوزيع وتزويد بعض قرى الجهة بالماء الصالح للشرب، علاوة على مشاريع تطهير السائل بعشرة مدن بالجهة.
وفي ما يتعلق بالنهوض بالشأن الثقافي، يتضمن هذا المشروع الواعد إنشاء المعهد الجهوي للموسيقى وفنون الرقص ، ومراكز ثقافية بمدينتي طانطان وسيدي إفني ، علاوة على إنشاء مركز للإعلام خاص بالنقوش الصخرية، إضافة إلى تسجيل 6 مواقع للنقوش الصخرية باللائحة الوطنية للتراث.
كما يتضمن، في مجال تثمين البعد الإيكولوجي بالجهة، إنجاز برامج عديدة تهدف إلى المحافظة على النظم البيئية، عبر تعزيز التربية البيئية وتوعية السكان وإحداث أحزمة خضراء حول المراكز الحضرية ، وإطلاق مشاريع التشجير الترفيهي، وصيانة المغروسات القديمة وإنتاج الأغراس، وخلق فضاءات خضراء بضواحي المدن وتحسين ظروف استقبال الساكنة بالغابات .
ولقد شرعت جهة كلميم واد نون منذ إطلاق هذا النموذج التنموي الطموح في إعداد مجموعة من الدراسات والمشاريع والبرامج الرامية إلى تنفيذ وأجرأة محاور هذا العقد الرامي إلى تمويل وإنجاز برنامج التنمية المندمجة للجهة 2016-2021.
وهكذا صادق مجلس جهة كلميم واد نون، على مجموعة من اتفاقيات الشراكة والاتفاقيات الإطار بين مجلس الجهة وعدد من المؤسسات والجهات الرسمية والأطراف الشريكة في التنمية همت تنزيل مختلف المحاور التي نص عليها هذا العقد.
ففي مجال النهوض بالسياحة الجهوية، صادق المجلس، خلال دورته المنعقدة في أكتوبر 2017، إضافة إلى اتفاقية الطريق السيار، على اتفاقية شراكة خاصة بتنمية السياحة الطبيعية والقروية ببعض الجماعات التابعة لأقاليم الجهة بهدف دعم العرض السياحي داخل هذه الأقاليم.
وهي الاتفاقية التي رصد لها غلاف مالي يبلغ 124 مليون درهم، من أجل تطوير وتهيئة مدارات السياحة الفلاحية وتثمين المنتجات المحلية، وتهيئة وتجهيز مناطق سياحية ودعم مهرجانات بمختلف أقاليم الجهة.
أما في المجال الثقافي، فق صادق أعضاء مجلس الجهة ، في دورة سابقة تعود للعام الماضي، على اتفاقية شراكة تروم النهوض بالشأن الثقافي بالجهة والتي تخص تطبيق محور المكون الثقافي من عقدة برنامج التنمية المندمجة للجهة 2016 إلى 2021، وذلك في إطار تنزيل العقد البرنامج المنبثق عن النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية للمملكة.
وتنص هذه الاتفاقية، التي رصدت لها كلفة إجمالية تبلغ 132 مليون درهم، على إحداث مجموعة من المشاريع خلال الفترة المذكورة من بينها إحداث مراكز ثقافية ومعهد للموسيقى والكوريغرافيا بكلميم، ومركز ثقافي بطانطان، وآخر بسيدي إفني، وأربعة مراكز للتنشيط الثقافي بكل من مير اللفت والأخصاص والوطية والزاك، وكذا إحداث أربع نقط للقراءة بجماعات أسرير ولقصابي وتيمولاي وأباينو، ومركز للتعريف بالنقوش الصخرية بكلميم، وإطلاق برنامج لتأهيل وتثمين الموسيقى الحسانية، وآخر لجرد التراث الحساني غير المادي، فضلا عن تسجيل خمسة مواقع للنقوش الصخرية على لائحة التراث الوطني، ويتعلق الأمر بموقعي زرزم وأداي بكلميم، وزرو أكلان بأسا ولمسيد أزكر بطانطان وبوتروش بسيدي إفني.
كما صادق أعضاء المجلس على اتفاقيات إطار للشراكة لدعم وتفعيل مشاريع ذات بعد بيئي بالجهة بغلاف مالي يقدر بمليار و114 مليون و57 ألف درهم.
وهمت هذه المشاريع اتفاقيات إطارية تندرج ضمن تنزيل العقد البرنامج الخاص بتنمية جهة كلميم واد نون 2016-2021 المنبثق عن النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية للمملكة، منها اتفاقية تهم محور"المنشآت المائية والحماية من الفيضانات بكلفة مالية تقدر بمليار و17 مليون درهم".
وتهدف هذه الاتفاقية إلى بناء سد كبير (فاصك) وسدود صغيرة (أمسرا، سيدي داودن تلات نتارماتن تيمسورتن تيكيتان وبوسكا) بكلميم وبناء سد صغير أعبار بطانطان، وكذا حماية المدينتين من الفيضانات.
وتؤكد كل هذه المشاريع الاستراتيجية والمندجة، التي تجد أصلها ضمن النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، حرص هذا النموذج على كسب رهان الجهوية المتقدمة، بوضعه الإنسان في صلب رؤيته الاستراتيجية المندمجة الرامية إلى تحقيق التنمية المستدامة في كافة أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية، لتساهم هذه الربوع، إلى جانب باقي أنحاء الوطن، في مسيرة الازدهار وتحقيق رفاه الإنسان.