تعيش مدينة الحسيمة وضواحيها في الاونة الاخيرة سلسلة من الإحتجاجات الحاشدة، التي كانت بدايتها في 28 اكتوبر 2016 إثر مقتل بائع السمك محسن فكري ،طحنا داخل ألية جمع النفايات ،وفي تلك الليلة بالظبط نظمت وقفة في المدينة، وقامت هذه الاحتجاجات بداية مبدأ السلمية إذ ردد نشطاؤها باستمرار "سلمية سلمية" إلا أنها تحولت في ما بعد الى دموية بسبب مشاحنات نشطاء الحراك الشعبي مع قوات الأمن التي تدخلت مرارا لفض هذه الاحتجاجات وبالتالي الوقوع في الاشتباكات الخطيرة أحيانا.وذلك من أجل المطالبة بتحقيق لائحة المطالب للمنطقة.
ومما لا شك فيه أن حراك الريف دوافعة واضحة ومشروعة لاينبغي التنكيب عنها مهما تغيرت الظروف .
فاستمرار موجة الاحتجاجات في الريف وكذا بعض مدن المملكة ليس غاية في حد ذاتها ،بقدر ما هي وسيلة للتعبير عن رفض نمط معين من السياسات العمومية وبالتالي هي احتجاجات مشروعة لان غايتها محددة في مطالب حقوقية واقتصادية واجتماعية (تعليم،صحة شغل… )..
ولعل مطالب حراك الريف وقبله حركة 20فبراير سنة 2011 والأحداث الدامية التي عرفها المغرب خلال السنوات الفارطة خير دليل على احتياجات ومطالب فئات مهمشة في المغرب والذي سببه الأول والأخير انتشار الفساد والنهب مما أثار غضب المغاربة.
وأول ما يسترق نظرنا في هذا السياق قطاعي التعليم والصحة التي تخلت الدولة عنهما واطلقت العنان للخواص للاستثمار في المدارس والجامعات الخصوصية،والعيادات الخاصة،وما عاد بوسعنا سوى أن نصلي صلاة الجنازة على القطاعين.
فقد عجزت أغلب فئات المجتمع في ظل غلاء الأسعار على تلبية الحاجيات البسيطة والأساسية لأسرها من تطبيب ودراسة ،وسكن وحتى الاكل.وفي مقابل ذلك تستحوذ فئة قليلة على كل الخيرات والنعم وبالتالي تأمين صحة وسهولة دراسة وتيسير سبل العيش، بأقل جهد منها ،أما أعظم المواطنين فلا حول لهم ولا قوة إلا في البكاء والرثاء على أطلال مغرب بلا سياج تنهب الذئاب ثرواته وممتلكاته بالملايير من كل الجهات ،.
وهكذا يصبح الحل هو الإنكباب والضغط على النفس والتمعن في أبشع منظر إنساني الا وهو نهب أموال الضعفاء والمغلوبين الذين يفتقدون إلى أبسط حاجيات العيش الكريم، وهذا كله قد يؤدي الى ما لا يحمد عقباه والقيام بإنتفاضة عارمة في المغرب قاطبة وليس في الريف نفسه،من أجل الدفاع على أنفسهم بشتى الوسائل خصوصا عندما يصل بهم الأمر إلى فقدان الامل في مغرب أفضل .لا قطاع صحي يشفي علة مرضاهم ،ولا تعليم يضمن مستقبل أبناءهم ولا شغل يضمن كرامة عيش ذويهم.فقد أصبحنا نجد في زمننا هذا أشخاصا لا يجدون حتى ما يقتاتون به في وطنهم .
لا شك أن الوطن غالي وفوق كل اعتبار لذا يجب استحضار مصلحة الوطن والحفاظ على أمنه وإستقراره قبل كل شئ.
لذا يجب أن تكون المعالجة شمولية ومستعجلة ، والتعامل مع هذه الاحتجاجات بنهج الحوار كخيار استراتيجي يشارك فيه كل من ممثلي الحكومة ونشطاء حراك الريف بل وساكنة الريف عامة لإيجاد حلول ناجعة والحد من حالة الغليان التي تعشيها المنطقة.وذلك بتحقيق العدالة الاجتماعية وإحداث التوازن بين الدولة والمجتمع بموضوعية وبكل التفاصيل وإيجاد حلول عادلة ومنصفة لجميع المشاكل الاقتصادية والاجتماعية… ومعالجة أصل الداء الذي يعاني منه جسد مغربنا الحبيب وليس ساكنة الريف فقط.
[color=#990000]أصوات نيوز//[/color]
[color=#0000ff]بقلم: فاطنة بيضي[/color]