بين المغرب والجزائر حدود طويلة تمتد على مسافة 1559كلومتر وتعتبر اطول حدود برية مغلقة بين بلدين في العالم أمام جميع أنواع الحركة والمبادلات .
ويعود السبب الحقيقي لغلق الحدود إلى سنة 1994 التي شهدت نقطة تحول في العلاقات بسبب عملية تفجير حصلت في نزل في مراكش اتهمت إثره السلطات المغربية ثلات شبان جزائرين بالتورط فيه.مما أدى إطلاق سلسلة من الاجراءات من كلا الجانبين شملت ترحيل الرعايا وفرض التأشيرة وغلق الحدود.وهذا الوضع يتحول شيئا فشيئا إلى عقبة حقيقية تقف أمام البلدين ،حيث شرعت الرباط في السنوات الاخيرة إقامة سياج عازل لوقف أنشطة التهريب والشبكات الارهابية ،فردت الجزائر بإقامة خندق على إمتداد الحدود .فصار بالتالي صعبا التواصل بين الجارتين في ظل وجود جيش عسكري كثيف ومراقبة مشددة من حرس الحدود للنقاط الحدودية من كلا جانبين وهنا يبقى السؤال الذي يطرح نفسه هل هذه الحدود بين بلدين تجمعهما ملة الاسلام أم حدود تفصل بين فلسطين وإسرائل ؟
إن الوضع الحدودي الحالي بين الجانبين يكشف مفارقات غريبة ،إذ أن المرور عبر الحدود ممنوع قانونيا ،ولكن الواقع على الارض يظهر غير ذلك حيث أن عمليات التهريب تتم بشكل مكثف مما يطرح تساؤلات عديدة حول فاعلية ومصداقية إجراء غلق الحدود.
ورغم كل هذه الصعوبات لا زلت التجارة الغير الشرعية مزدهرة بين البلدين وذلك بدفع مبلغ لحرس الحدود،إذ يعتبر هذا من ضمن الحلول التي تسهل عملية التهريب.
ولكن بعد المظاهرات التي حصلت أمام السفارة الجزائرية بالرباط وحدث إطلاق النار على الحدود في سنة 2014 أصبح المرور أكثر صعوبة إذ يتم بالاعتماد على دفع المال للمهربين والمخاطرة للعبور بشكل أكثر سرية.
و رغم تفاقم هذه الازمات السياسية وإجراءت غلق الحدود لم تؤد لموت المبادلات التجارية بين البلدين حيث أن هذه الحدود مليئة بالممرات السرية وتنشط فيها عمليات التهريب بشكل هستري ،.إذ تحتل تجارة الوقود صدارة البضائع المهربة خاصة أن تمنه في الجزائر أرخص بست مرات،وفي الجانب الاخر تنشط عمليات تهريب المواد الغدائية وبعض المواد الاولية كالنسيج .
وتتنوع الاساليب التي يعتمدها المهربون إذ أنهم يسلكون طرقا سرية وممرات فرعية غير مهيأة ولا يمكن المرور فيها بسيارة (تراباندو) ،وابتدع المهربون بدلها فكرة إستعمال الحمير لنقل البضائع المهربة ،ويفضل المهربون المرور في الليل وتحت جنح الظلام،كما أنهم يسلكون الحدود الجنوبية التي تكون الرقابة فيها أقل،تفاديا لأي مشاكل مع السلطات .
ومن جانب أخر تنبتق معاناة عائلات مختلطة مزقتها الحدود ،إذ وجد البعض انفسهم محاصرين داخل منطقة عازلة محرومين من التواصل والحركة بعد أن كانت الطريق الرابطة بين وجدة وشمال عرب الجزائر تعج بالمسافرين من الجنسيتين وكانت الروابط بين سكان المناطق الحدودية من الجانبين قوية من النواحي الثقافية واللغوية .
وهكذا أصبحت بعض الاسر تعاني من الشتت والتفرقة وغياب التواصل،وصلة الرحم .ولم يعد سوى الهاتف حلهم الوحيد لسؤال ،واذا اشتد بهم الحنين توجهوا إلى منطقة بين الجراف التي تتميز بالاعلام المغربية المرفرفة في جهة المغرب والاعلام الجزائرية في جهة الجزائر ،ويستمتع فيها بالمشاهد الدرامية التي تتكرر كل يوم تقريبا مغاربة وجزائريون يتبادلون التحايا و الحديث صراخا دون مصافحة او عناق .
ورغم أن هذا التباعد والقطيعة بين المغرب والجزائر يزداد يوما بعد يوم ،إلا أن هذه الخلافات في الحقيقة موجودة فقط بين السلطات من البلدين أما الشعبان فلا تزال تجمعهما علاقات أخوة واحترام رغم طول فترة غلق الحدود،ولا زال هناك بصيص أمل صامت يسكن نفوسهم في أن تحصل هبة أخوة تعيد الصفاء للأجواء الملبدة.
[color=#990000]
أصوات نيوز//[/color]
[color=#000066]بقلم: فاطنة بيضي [/color]