أصوات نيوز//
بقلم : ذ. حكيم قبابي
” لا مفر لكم , الزمن و الآفات سوف تقضي عليكم ” قالها حمزة بن عبد المطلب عم الرسول صلى الله عليه و سلم لسادة مكة عندما أكلت الأرضة صحيفة قريش و لم تترك فيها إلا
كلمة ” باسمك اللهم ” نفس الجملة تصلح أن تكون رسالة لزعماء (…) البوليزاريو الحقيقيين و الدمى التي يسيرونها و يتكلمون باسم إخواننا المحتجزين في مخيمات تندوف.
و قد خلد المخرج الراحل مصطفى العقاد و الممثل الراحل عبد الله غيث هذا المشهد في شريط ” الرسالة ” ليبقى مثلا حيا يذكرنا بعجرفة و بلادة قادة البوليزاريو و بأنهم تجازوهم الزمن و سيرمون لمزبلة التاريخ.
كلمة الزمن ، تعني أنهم أضاعوا عقودا بلا فائدة ، و سنين طويلة عاشوها وهما و سرابا بئيسا ، و قهروا معهم أجيالا و أجيالا من أجل أهداف الجزائر البالية ، يرفعون خرقا و يرددون شعارات جوفاء لا يصدقونها حتى هم ، و يحاولون ان يقنعوا بها أنفسهم و أهليهم و العالم عبثا.
يتباكون في كل المحافل الدولية و يمثلون دور الضحية و يسترزقون من المساعدات الدولية و يبيعون المواد الغدائية الموجهة للمحتجزين قسرا في مخيمات لحمادة ، تاركينهم خارج الزمن ، لا حياة كريمة ، لا كرامة ، لا إنسانية . انظروا رحمكم الله للزمن كيف سار في المملكة المغربية و خاصة في الأقاليم الجنوبية ،انظروا للتطور الكبير في كل المدن ( العيون – الداخلة – السمارة – طانطان و غيرها ) و في جميع المجالات ، اسألوا إخوانكم و أبناء عمومتكم الذين رفضوا فكركم المتجاوز القديم ، و تشبتوا بوطنيتهم و مغربيتهم ، كيف يعيشون هم و أولادهم و أحفادهم؟ بنيات تحية كبيرة ،مصانع ، مستشفيات ، طرق ، مدارس و معاهد ، شوارع و أحياء ، منشئات ثقافية و رياضية و غيرها … اسألوا من وجد فرصة العودة لأرض الوطن عما كان يعيشه في جحيم المخيمات و بين ما يعيشه حقيقة على أرض الواقع في كل شبر من الصحراء المغربية من حرية و حياة كريمة, لعلكم تتعظون .
” الآفات سوف تقضي عليكم ” بل قضت عليكم ومنذ سنين ، لقد وضعتكم الجزائر و حاصروكم في أرض قاحلة ، صيفها جحيما و شتائها زمهريرا ، تقتاتون الفتات و تعانون الأمرين في تربية أبنائكم و دراستهم و التفكير في مستقبلهم الغامض ، لأنكم آمنتم بفكر انفصالي كاذب و وهمي ، و منكم من غرر به و منكم من اختطف رغما عنه ،و حاربتم وطنكم باسمها و فشلت و فشلتم ، لأن ما بني على باطل فهو باطل.
سبق و أن صورت شريطا وثائقيا بعنوان ” أطفال منفيون ” مع أطرو كفاءات صحراوية درست في كوبا و عادت لأرض الوطن عن طواعية تلبية لنداء الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله التاريخي ” إن الوطن غفور رحيم ” ، وحكوا عن غسيل الدماغ الذي يمارس على الأطفال الصحراويين البسطاء ، و عن الضغط الممارس على أسرهم ، و عن عودتهم بعد تخرجهم بأحلام و آمال وردية ، و اكتشافهم زيف ما قيل لهم و استغلال القادة المزيفين لبؤس الصحراويين من أجل مصالحهم الخاصة ، فأكثرهم يعيش خارج المخيمات و عائلاتهم يعيشون في دول أوربا و أبنائهم يدرسون في مدارسها و جامعاتها ، و لا يعرفون شيئا اسمه العيش لعقود في خيام تفتقد لأبسط مقومات العيش الكريم.
صورت أيضا شريطا وثائقيا بعنوان “سنوات العتمة ” و حاورت معتقلين سابقين في سجون تندوف إن جاز لنا أن نسميها سجونا ،لقد صورت بعض أنواع التعذيب الذي لاقوه ، و حقيقة لا أجد كلمات تصف ما عاشوه خلال سنين طويلة في حفر صغيرة ، تعذيب ممنهج و ذل ما بعده ذل و سادية جلادين لا مثيل لها نتج عنها قتلى و ضحايا كثر.
أتفهم أن المحتجزين هناك و من مختلف الأجيال لا يد لهم فيما يحصل لأنهم محاصرين ليل نهار و مراقبين بشكل دقيق ،يعدون عليهم خطواتهم و حركاتهم و سكناتهم , وينتظرون أقل فرصة للهرب للعودة لأرض الوطن.
عالم التنمية يسير بشكل متسارع في العالم أجمع إلا هناك ،و كأنك تعيش في ستينات و سبعينات القرن الماضي ،ظروف إنسانية جد مزرية حرية منعدمة ، و آفاق مظلمة و مستقبل نحو الهاوية في ظل توالي انتصارات المملكة المغربية ديبلوماسيا من خلال توالي اعترافات دولية عديدة بمغربية الصحراء، و على أرض الواقع من خلال تنمية شاملة في الأقاليم الجنوبية و التي تزيد من حدة الأزمة هناك و التي حتما ستدفع الأجيال الجديدة للتفكير مليا في مآلها و مصيرها المرهون بشرذمة استغلت أجدادهم و آبائهم أبشع استغلال و تريد استغلالهم أيضا.
و كما قال صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله : ” مغربية الصحراء حقيقة ثابتة لا يمكن مناقشتها ” فإنه من العبث استمرار وهم الانفصال الذي يحلم به البعض لعقود طويلة و يجر من وراءه و يلات و مآسي إنسانية يعيشها إخواننا المحتجزين في مخيمات تندوف.
و كما بدأت بكلام حمزة عبد المطلب عم الرسول الكريم ، أنهيه بكلامه أيضا بعد أن ضرب أبا جهل وقال له: ردها علي إن استطعت .