دخل مهنيون بقطاعات الصيد الساحلي والتقليدي والصيد في أعالي البحار بالمناطق الجنوبية، على خط اعتقال أحد بارون تهريب الأخطبوط بالداخلة، بداية الأسبوع الماضي، من قبل عناصر من الشرطة القضائية، متلبسا بنقل طنين من هذا النوع من السمك على متن مركبة، كما جرى إيقاف مساعد له وإحالة الاثنين، بملف تلبسي جنحي، على المحكمة الابتدائية.
وطالب المهنيون، في رسالة إلى رئيس النيابة العامة بالرباط، بتعاط مختلف مع هذا الملف الذي وصفوه بالخطير جدا، ويتعلق بواحد من قضايا الفساد وتهريب الثروة السمكية وتخريبها وتدمير الاقتصاد الوطني، مؤكدين أن الشخص المعتقل يعتبر واجهة، فقط، لمافيا متشعبة من الشركات والأشخاص ومسؤولين راكموا أموالا بالملايير عن طريق التهريب وعدم احترام الفترات القانونية للراحة البيولوجية لمختلف الأنواع من السمك.
ووصف المهنيون، في الرسالة نفسها، الوسيط المعتقل بالعلبة السوداء، أو خزان أسرار مافيا التهريب لما يتوفر عليه من معطيات ومعلومات وأرقام وبيانات وأسماء شركات وأشخاص ومسؤولين ومعاملات تجارية وعلاقات وحسابات بنكية، قد تشكل عناصر مكتملة الأركان لأكبر جريمة فساد في المغرب على الإطلاق.
واعتبر المهنيون أن المسطرة العادية لمثل هذه الملفات هي إحالتها على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية من أجل تعميق البحث وفتح تحقيقات موازية مع جميع الأشخاص وأصحاب الشركات والمسؤولين الذين سترد أسماؤهم في محاضر الاستماع.
وتساءل المهنيون كيف يمكن لشخص لا تربطه أية علاقة مهنية قانونية بقطاع الصيد البحري ولا يتوفر على مركب أو باخرة أو زورق، ولا يوجد في ملكيته مصنع أو وحدة للتجميد والتصدير، كما لا يتوفر على بطاقة “مارايور” (تاجر أسماك)، أن يتحكم في جميع عمليات تجارة الأخطبوط بالداخلة ويسبح في محيطه عدد من أصحاب المراكب والزوارق، حتى أضحى يطلق عليه لقب “ملك الأخطبوط”.
واستدل المهنيون على قوة ونفوذ “الرجل” بمعطيات رقمية، مؤكدين أن سعر الأخطبوط المهرب (الأخطبوط الذي يباع خارج فترة الراحة البيولوجية داخل البحر) انهار، خلال الأسبوع الماضي، من 110 دراهم للكيلوغرام إلى 30 درهما، أو أقل، وهو الأسبوع نفسه الذي كان يوجد فيه هذا “الشخص” وراء القضبان معتقلا في انتظار إحالته على القضاء.
وقال المهنيون إن المعتقل ظل يتحكم على مدى سنوات في جميع عمليات البيع والشراء داخل الأسواق ويوفر منتجات مهربة إلى التجار وأصحاب المصانع الذين يتوفرون على “الأوراق”، مطالبين بفحص الحسابات البنكية لهذا البارون التي تضخ فيها مبالغ ضخمة تتراوح بين 80 مليون درهم و100 مليون يوميا، تتأتى من الشركات والأشخاص الذين يتعامل معهم.
وأكد المهنيون أن الفرقة الوطنية يمكن أن تكشف عن معطيات أخرى، تتعلق بالثروة الهائلة التي راكمها هذا الشخص الذي أضحى، في ظرف وجيز، من أباطرة المنطقة وأحد “مليارديراتها”، ومالك عدد من العقارات والحسابات البنكية بمدن مختلفة، وله علاقات متشعبة في عدد من الإدارات توفر له الحماية.
ومن المنتظر أن يحال المعتقل رفقة شريكه، اليوم (الاثنين)، على المحكمة الابتدائية بالداخلة، بعد تأجيل الجلسة الأولى، الخميس الماضي، من أجل إعداد الدفاع. ويتابع المعتقلان في الملف الجنحي التلبسي عدد 184/2018 بتهمة حيازة أسماك الأخطبوط أثناء فترة الراحة البيولوجية والمشاركة في نقلها.